كيفية التعامل مع قلق الانفصال
يُنظر عادة إلى لحظة الولادة مناسبة مهمة تكون مصدر فرح ودهشة وأحياناً قد يصاحبها القليل من القلق.يمكن أن يعاني الرضع من القلق أو عدم الارتياح خلال أولى فترات حياتهم، ومعرفة الأسباب المحتملة يمكن أن تساعدك منحه أكبر قدر ممكن من الرعاية والدعم. في هذه المقالة، سنلقي نظرة على ما هو قلق الانفصال لدى الأطفال، أسبابه الكامنة، ونصائح مفيدة حول كيفية مساعدة طفلك خلال هذه المرحلة.
ما هو قلق الانفصال؟
قلق الانفصال هو جزء طبيعي ومتوقع من تطور ونمو الطفل، ويحدث عادة خلال السنوات الأولى حيث يشعر الطفل بالضيق عندما يفترق عن والديه أو مقدمي الرعاية الرئيسيين. في معظم الحالات، يبدأ هذا القلق حوالي ستة أشهر من العمر ويصل إلى ذروته في سن الطفولة المبكرة التي تتراوح من 14-18 شهرًا. وغالباً ما يتلاشى تدريجياً في مرحلة الطفولة المُبكرة.
ما هي أسباب قلق الانفصال؟
حوالي 6 إلى 12 شهرًا من العمر، ومع بدء الرضع في فهم ديمومة الكائن (بقاء الأشياء حتى لو لم نكن نراها) يبدأون في إدراك أن الناس والأشياء تستمر بالوجود حتى عندما تكون مخفية عن الأنظار وهنا تظهر أولى علامات لقلق الانفصال. ومع ذلك، نظراً لانعدام إدراكهم للزمن لا يمكنهم التنبؤ متى سيعود والديهم مما يؤدي هذا التوتر إلى مشاعر القلق وعدم الراحة.
عندما يصبح الطفل أكثر استقلالاً في مرحلة الطفولة المبكرة، قد يعود قلق الانفصال نتيجة الاستقلال المتزايد عن والديه. على الرغم من أن هذه المرحلة غالباً ما تتلاشى تدريجياً مع النمو، إلى أن بعض المحفزات قد تزيد من حدتها، مثل:
- ترحيب بمولود جديد: هذه من أكثر التحديات التي تواجه الوالدين ويمكن أن تتغير حياة الطفل بوصول مولود جديد. ينتج عنه اضطراب كبير في روتين المنزل و قد يؤدي إلى القلق والرغبة في مزيد من الطمأنينة و الانتباه من والديهم.
- التعود على مربية جديدة: يستغرق تكوين علاقة مع المربية الجديدة وقتًا وجهدًا. قد يشعر طفلك بالقلق بسبب عدم معرفته للمربية أو مقدمة الرعاية الجديدة، خاصة إذا كان معتادا على مربية أخرى سابقاً.
- الشعور بالضغط النفسي لدى الوالدين: يتميز الرضع بالوعي الشديد بحالة الوالدين العاطفية. إذا كنت تعاني من التوتر، قد يلاحظ الطفل الواعي هذه العلامات، مما قد يؤدي إلى مشاعر القلق أو عدم الارتياح.
- التعامل مع التعب والجوع والمرض: عندما يكون الطفل غير مرتاح أو مريض، قد يكون عرضة أكثر لقلق الانفصال. يمكن أن ينزعج من عوامل مثل التعب والجوع والمرض ويبحث عن الراحة والأمان مع والديه أو مقدمي الرعاية.
ما هي علامات قلق الانفصال؟
يشير اضطراب الطفل وبكائه عند مغادرتك الغرفة أو عندما تكونين بعيدة إلى أنه مرتبط بك جداً. هذا التعلق هو مؤشر على أن طفلك ينمو بشكل جيد وأن مهاراته المعرفية والاجتماعية والعاطفية تتحسن. إليكي بعض العلامات التي يجب ملاحظتها:
- التمسك: في بعض الأحيان، قد تلاحظين أن طفلك ينزعج ويبكي في اللحظة التي تسلميه فيها لشخص جديد، ويصبح أكثر تعلقاً بك طوال اليوم. هذا أمر طبيعي تماما ويأكد أنه يشعر بالأمان معك.
- صراخ الاحتجاج: عندما يحين وقت وداعهم أو تركهم تحت رعاية شخص آخر، قد يعبر طفلك عن مشاعره من خلال البكاء أو الصراخ بصوت عالٍ، أو حتى نوبة غضب. إنها طريقتهم لإخبارك بأنهم يفضلون البقاء بجانبك.
- صعوبة التأقلم: قد يجد الطفل الذي يعاني من قلق الانفصال صعوبة في التكيف مع بيئة جديدة لأنه قد يزعج إحساسه بالروتين والألفة. وقد يحتاج إلى مزيد من الصبر والتأكيد والطمأنينة في هذه اللحظات.
- الاستيقاظ ليلاً: قد يؤثر قلق الانفصال في بعض الأحيان على نمط نوم الطفل. قد تلاحظين أنهم يستيقظون بشكل أكثر تواترًا خلال الليل، يبحثون عن الراحة والطمأنينة.
نصائح واستراتيجيات حول كيفية التعامل مع قلق الانفصال:
كما هو الحال مع العديد من مراحل تطور الرضع، فإن الصبر هو المفتاح للتعامل في هذه الفترة. يجب عليكي ألا تتجاهلين أبدًا رضيعًا يعاني من قلق الانفصال. بدلاً من ذلك، جربي هذه الاستراتيجيات لتخفيف الضغط على الوالدين والرضع.
- إنشاء روتين: الثبات هو أساس الأمان للصغار. أنشئي روتين يمكن اتباعه بشكل منتظم وثابت حين تغادرين وتعودين فيه للمنزل حتى أن يتعود ويتمكن أن يشعر طفلك بالأمان والراحة لأن معرفة ما يمكن توقعه يمكن أن تساعد في تخفيف أي قلق قد يشعر به.
- الانفصال التدريجي لتعزيز الراحة: ابدئي بفترات انفصال قصيرة، ثم عندما يشعر طفلك بالهدوء وأقل قلقاً، يمكنكِ إطالة الفترة تدريجياً. هذه الاستراتيجية ستساعد طفلك في بناء الثقة وفهم أن هذه ليست المرة الأخيرة الذي يراكي فيها.
- الطمأنينة بالكلام واللمس: الاحتضان واللمس هما وسيلتان قويتان لتعزيز الرابط العاطفي مع طفلك. عانقيه وقبليه بلطف ليشعر بالطمأنينة وتذكيره انك موجودة دائماً ويزداد الارتباط العاطفي بينكما وشعوره بالأمان. حاولي التحدث إلى طفلك باستمرار واستخدمى لغة بسيطة وصوت مرح، حتى إذا كان الطفل لا يفهم الكلمات بعد، فإنه يستمع إلى النبرة والإيقاع.
- ألعاب مرحة ومحبوبة: الأشياء الانتقالية، مثل ألعاب الحيوان المحشو المفضل أو البطانية الناعمة، يمكن أن تكون مصدراً هائلاً للراحة. توفر هذه الأشياء المألوفة إحساسا بالأمان ويمكن أن تصبح مصدراً موثوقاً للراحة عندما ينفصل طفلك عنك.
- اللعب لتشجيع الانفصال: لعبة الاختفاء المعروفة بـ “بيكابو" مفيدة لمساعدة الرضع في تعلم أن الأشخاص مازالوا موجودين حتى عندما يكونوا مخفيين عن النظر بالمثل، يمكن أن تجربي تغطية اللعب بلحاف ثم كشفها.
- تمكين الاستقلال بالاختيارات: شجعي طفلك على اتخاذ قرارات بسيطة واستكشاف الأنشطة بمفرده. هذا يعزز شعوره بالثقة بنفسه ولكنه يرسخ أيضًا الفهم الذي يمكن فيه من استكشاف البيئة بأمان.
الختام
على الرغم من أن قلق الانفصال قد يكون مرحلة صعبة على الوالدين والأطفال، يجب أن نتذكر أنه جزء طبيعي من تطور نموهم. من خلال الصبر والتفهم والدعم المستمر، يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم في التغلب على هذه المرحلة، وتعزيز النمو العاطفي الصحي والاستقلال. تذكري أن هذه مرحلة طبيعية يمر بها طفلك و سيتجاوزها في نهاية المطاف. التمسك بالروتين والثبات فيه يمكن أن يساعد طفلك في فهم أن عندما تغادر الام او الاب، سيعودان. إذا بدا قلق الانفصال شديدًا أو استمر لفترة طويلة، يجب عليك مناقشة مخاوفك مع الطبيب أو طبيب الأطفال.